اطياف الصمت (شيماء سمير )

يعد ديوان أطياف الصمت أحد الدوواين التى شغلت بقضية الوجود والمثل والمدينة الفاضلة
الديوان من أصدارات دار أكتب 2008
للشاعرة والرسامة شيماء سمير عبد المنعم

يدور الديوان حول ثلاث محاور أساسية هى

محور الحياة الواقع وصدمة الشاعرة معه
الموت وصدمة فقد عزيز
الحب بمعناه الواسع وتجربة عاطفية غائبة الملامح
ومن خلال هذه المحاور تتعدد الرؤى والتناولات لكنها لا تخرج عن أطارها العام الذى رسمت من أجله البحث عن المثل الغائبة وحقيقة الحياة والوجود والحب

أمسك الحياة بورقة وقلم
اترجم عن الدنيا
ألمها حزنها غضبها
فهى لغز
تنتظر ضوء القمر لينير
عتمة الليل الطويل
أكتب بعض الكتابات 
التى لاأفهم أكثرها
وأمزق غيرها
وأقطف ثالثة
أصنع منها زورقا
أعبر به حول العالم
عالم مجهول الهوية
وليس غريبا ان يبدأ الديوان بقصيدة صراع الحياة الجديدة وينتهى بقصيدة فى وسط الحياة
فى المحور الاول تعددت التجارب
فمرة تصدمنا الشاعرة بالواقع المأزوم واقع الحياة الجديدة بماديته وجفوته ومرة أخرى تنقلنا معها لعالم طفولى يمثل الحلم بحياة هادئة حياة كما خلقها الله ومرة تقر فى غير انهزام أنها حياة لا نعيشها الا خارج صفحاتنا البيضاء وانها من عالم الخرافات ومرة تنقلنا معها للبكاء على الذات فى غير بكاء بأسلوب غير مباشر ولعوب
وفى المحور الثانى محور الموت وتجربة فقد عزيز تسترسل الشاعرة فى مناقشة فلفسية وجودية لقضية الموت ذلك القدر الذى لافرار منه جازمة بان الارض مثوانا وبأن دودة منها تسخر منا فسنكون يوما وجبتها فى تساؤل حائر عن ماهيته التى لم تحاول الشاعرة البحث عنها أو الاجابة على تساؤلاتها مكتفية بأن لها ميتفيزيقاها الخاصة التى لا تحتاج منها الا الى التصديق والايمان
ولم ينل محور الحب بتجربته غائبة الملامح حظا كبيرا من نقاش الشاعرة وان كان قد شغل االشاعرة فى عدد من القصائد دون الخوض فى شطحات منامية وأحلام وردية عن حب غير موجود لأنه مازال أشتياقا مكتوما ولوعة محبوسة وبكاء صامتا
ولا أجزم بان للديوان غرضا دينيا أو تربويا وان كان قد أحتوى على لغة وعظية فى الكثير من قصائدة ولكننى أقول وبكل ثقة أن الديوان رحلة للبحث عن الذات والمثل فى دوامة لا تهدأ من تناقضات الحياة وأنفعالاتها
تنتمى قصائد الديوان لنوعية قصيدة النثرالجديدة بزخمها التصويرى غير أن ديوان أطياف الصمت يمتاز بينها
بأعتمادة الكامل على الصورة العامة أو الكلية دون الاسترسال فى تشبيهات سريالية ترهق عقل القارئ وان لم يسلم من ذلك فهى موجود أحيانا بين القصائد خاصة اذا تعرضت الشاعرة لبيان أنفعال خاص وكأنها تحاول أن تخفى علينا حقيقة شعور أوتداعيات تجربة
كما يمتاز ديوان اطياف الصمت بذلك النوع من الصمت الصاخب والذى أكتفت الشاعرة بالصوررة للتعبير عنه
هو صمت لأنه لم يتخذ موقفا خاصا مباشرا ولكنه صاخب لأنه يحمل الكثير من الدلالات على مواقف لا تحتمل القسمة
ولا اكاد أرى داخل الديوان غير الصورة حتى عندما حاولت الشاعرة تقرير بعض الحقائق فأنها تقررها عن طريق الصورة لا باللفظ أو الاسلوب
كما نرى فى قصيدة وداع حينما قررت الشاعرة حقيقة الموت والبعث والخلود والمصير من جنة أو نار

تسقط على ارض الموت
قد آن وقت الرحيل
تودع أغصانها
توشوش عصافيرها
ستنبت غيرى تحبك
ربما مثلى
وربما أكثر
تقول لنحلتها الشقية
أفى الجنة نلتقى
ونفس الحقيقة كررتها فى قصيدة بعنوان سخرية

أدور فى نقطة زوالى
ولا أفنى
ولا أتبدد
دودة فى باطن الارض تسخر منى
فساكون يوما
وجبتها
وفعلت ذلك أيضا عند تقرير واقع الحياة فى أكثر من قصيدة جازمة بان الحياة الحلم أصبحت من عالم الخرافات وأننا نعيشها داخل صفحاتنا البيضاء التى لا نحيا فيها الا عن طريق الحلم
على أن هذا الاستخدام الكثيف للصورة له حسناته على طريقة العرض والاسلوب ولغة الشاعرة
فالصورة تدفعنا بكثافتها وقدرتها على تحمل المعانى العديدة الى التفكير والغوص فى نفس الشاعرة\ النص
محاولين معها البحث عن الذات والمثل
كما كان لها أثرها على الصور فتولدت صور جديدة مثل ندلى فوانيس اللاعودة أتمرجح على لعبة الدنيا..................




ومن الاساليب الجديدة التى ربما استعارتها الشاعرة من فن القص
الحوار الداخلى الذى يفاجئنا به القاص بلا مقدمات ولكن بعد وصف لشخص او حدث ليخرج الحوار فجأة دون أن نكون منتظريه

بلهفة وردة قرمزية
لحديقتها الحانية
تغدو عليها وتحلم
(لو أنننى هنا
ولغة الشاعرة سهلة خالة من التعقيد اللفظى والمفردات الغريبة وان كانت قد أستخدمت الفاظا غير عربية مثل فيونكتى ويوتوبيا
وتعددت الاساليب ما بين الخبرى والانشائى وان كان الحظ الاوفر للأسلوب الخبرى لخدمة الصورة العامة
فهى أى الشاعرة لا تعتمد على الاسلوب الانشائى كثيرا فى مداعبة خيالنا لكنها تعتمد الصورة العامة مستغرقة فى رسمها كلوحة لا تحتاج كيرا للظل ولكنها بحاجة أكبر لألوان ثابتة وأبعاد محددة
لوحة لا تزال صورة أنعكاسية للواقع
مستخدمة فيها أبعادا وألوانا أحيانا صارخة وأحيانا هادئة باردة مرة وساخنة مرة أخرى فيما يشبه التجريد الذى يضفى على اللوحة معنى بعيد الغور لكنه مرسوم بالفعل أو هى لعبة الرسام الذى يرسم اللوحة للتعبير عن ذاته بدون أن نراه فيها ولكننا نرى ظلالا له تنعكس على ابعاد اللوحة والوانها وحدودها بصورة مباشرة وغير مباشرة
الديوان فى مجملة محاولة للبحث عن الذات والمثل محاولة للبكاء ومحاولة لطرح قضية ومناقشتها محاولة للمواجهة مع الواقع ولكن بصورة لعوب أحيانا فهو صمت صاخب
صمت لأنه لا يرمينا مباشرة للبحر ولكنه يجرنا اليه جرا وصاخب لأنه لا يزال ينادى فينا
أن ابحث عن جثتك
المتآكلة فى العراء
علك تجدها حية
أو ربما تجدها
متآكلة القلب
انه محاولة من الشاعرة لتدفعنا بصمتها الصاخب أن نخرج تلك الاطياف المضيئة التى بداخل حلقات الصمت فى نفوسنا وأن يكون لكل منها رونق خاص غير بعيد عن حقيقة الحياة الاولى حياة الفطرة التى خلقنا الله عليه




ليست هناك تعليقات:

بنية مشروع جانغو الأساسية

  إنشاء مشروع Django جديد بعد تثبيت Django، يمكنك إنشاء مشروع Django جديد باستخدام الأمر التالي في الواجهة النصية للأوامر (CLI): django-admi...

راسلنى

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *